للباحثين عن السعادة
يبحث كل إنسان عن السعادة وسبل الراحة والرفاهية أينما تكون, وكثيراً ما
يبحث الإنسان عن أشياء وهو فى غنىً عن عناء البحث ومشقته إلا أن العجلة
وعدم الصبر التي هى من جوهر طباعه تعميه عما يبحث عنه فلا يجده وإن كان
واضحاً أمام عينيه وضوح الشمس فى كبد السماء . فسعادة الإنسان هى أن يجد كل
ما يتمناه وأن يفوز بكل مطامعه وأن يحقق أحلامه ولن يستطيع تحقيق ذلك من
خلال ثروة أو منصب أو سحر كما يظن الكثير من الجهال أنه بالمنصب والمال
يتوصل إلى السعادة إلا أنها فى حقيقة الأمر توفر له الراحة والرفاهية لبعض
الوقت , وحينئذ يقف الإنسان مع نفسه قائلاً معى أموال ومنصب وأولاد وووو
ولكنى لا أشعر بالسعادة.
وهنا يقول لابس الخرقة الصوفى : نحن فى لذةٍ لو عرفها الملوك لقاتلونا عليها بالسيوف.
وتقول السيدة رابعة العدوية : ليت الذى بنيي وبينك عامر وبينى وبين
العالمين خراب , إذا صح الود منك فالكل هين وكل الذى فوق التراب تراب.
ويقول الآخر: تركت للناس دينهم ودنياهم وجئت إليك يا دينى ودنياي .
وتقول السيدة نفيسة (سليلة الإمام على كرم الله وجهه ) لما وافتها المنية
وكانوا قد أحضروا لها الطبيب (خذوا عني طبيبي ودعوني مع حبيبي). ويقول أبي
العباس المرسي (لي أربعون عاماً ما غاب عني رسول الله (ص) طرفة عين ولو غاب
عنى طرفة عين ما أعددت نفسى من جملة المسلمين).
إن سعادة الإنسان بل سعادة البشرية توجد حصرياً فى طاعة الله والتقرب من
الله ومعرفته والتفانى فى حبه ومحبة النبي (صلى الله عليه وسلم ), وحينئذ
يهون على المرء كل شىء وأى شىء.
ومن الطرق التى يتوصل بها إلى السعادة فى الدنيا والآخرة المحافظة على
الصلوات الخمس وأدائها فى أوقاتها والتقرب إلى الله بالنوافل والتعرض
للنفحات الربانية بالدعاء فى أوقات الإستجابة وتلاوة القرآن ليلاً ونهاراً
قال حبيب الحق وسيد الخلق (حبب إلى من دنياكم الطيب والنساء وجعلت قرة عين
فى الصلاة) وكان يقول لبلال بن رباح (أرحنا بها يا بلال) وقال أيضاً ( من
أراد عز الدارين فليطع العزيز) وقال أيضاً (من أراد الدنيا فعليه بالقرآن
ومن أراد الآخرة فعليه بالقرآن ومن أرادهما معاً فعليه بالقرآن) و بالصلاة
والسلام على سيدنا ومولانا محمد وبالتدبر فى ملكوت السماوات والأرض
وبالتضيق على النفس فى عالم الشهادة (حفظ الجوارح وإعمالها فى حب الله) حتى
يوسع الله عليها فى عالم الغيب , ولمعرفة الله (وهى السعادة الحقيقية) لا
بد من الخلوة ومحاسبة النفس والجلوس مع الله والتفكر فى مخلوقاته وملكوته ,
فمن جعل الله ورسوله فى قلبه ونفسه وقدم طاعتهم على هواه واختلط دمه بذكر
الله والصلاة والتسليم على سيدالخلق وحبيب الحق فسيشعر بلذة القرب وحلاوة
الإيمان ويهنأ براحة النفس وراحة البال ومن ثم السعادة التى هى مطمع كل
مخلوق والتى من أجلها خُلق.
ولذا قيل: (من ذاق عرف)