أخلاقك عنوانك
سوء الخلق سيئة لا تنفع معها كثرة الحسنات
وحسن الخلق حسنة لا تضر معها كثرة السيئات
يحيى بن معاذ رحمه الله
يقول شاعرنا العربي
وإذا أصيب القوم في أخلاقهم فأقم عليهم مأتما وعويلا
-------------
حسن الخلق تاج يوضع على رأس كل مهذب عف اللسان
حيي الجوارح
تاج منظور لكل الناس
يبرق فيخطف لب الأشهاد
ولما لا والخلق الحسن بضاعة نادرة في هذا الزمان
وسلوك قل أن تجده وأن تسير في دنيا الناس
وتتبدى أهميته في حديث رسولنا
(إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)
فنراه وقد جمع رسالته كلها في هذا الهدف الجميل (مكارم الأخلاق)
ولقد عاش عليه الصلاة والسلام فما عُرف عنه سوى دماثة الخلق
وطهارة القلب ، وعفة اللسان
فهو الصادق الأمين في الجاهلية
نبي الرحمة في الإسلام
ولقد فضل رسول الله صلى الله عليه وسلم
المرء قليل العبادة حسن الأخلاق
على المرء كثير العبادة سيء الخلق
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
قال رجل يا رسول الله إن فلانة يذكر من كثرة صلاتها وصدقتها وصيامها
غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها
قال هي في النار
قال يا رسول الله فإن فلانة يذكر من قلة صيامها وصلاتها
وأنها تتصدق بالأثوار من الأقط ولا تؤذي جيرانها
قال هي في الجنة
إننا كثيرا ما نجد أشخاصا يتجنب الناس الاحتكاك بهم
خوفا من سوء أخلاقهم
فيلين لهم الناس في الكلام خوفا من أن ينالوهم بألسنتهم
وهؤلاء هم اشر الناس عند الله
ولقد حدث أن استأذن احدهم في الدخول على رسول الله
وهو عندالسيدة عائشة رضي الله عنها
فقال : ائذنوا له بئس أخو العشيرة ، فلما دخل ألان له الكلام !!
فقالت السيدة عائشة : يا رسول الله قلت الذي قلت ثم ألنت الكلام
قال أي عائشة : إن شر الناس من تركه الناس أو ودعه الناس اتقاء فحشه
إن حسن الخلق مدخل لمحبة الله
واستجلاب لمحبة رسوله صلى الله عليه وسلم
وسبيلك إلى محبة الناس
ولقد بشر رسول الله صلى الله عليه وسلم حسن الخلق
بالقرب منه في الآخرة
ففي الحديث
(إن أحبكم إلي وأقربكم مني في الآخرة مجالس أحاسنكم أخلاقا
وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني في الآخرة أسوؤكم أخلاقا
الثرثارون المتفيهقون المتشدقون )
والرجل يوم يكون صاحب ثروة طائلة
من الصدق والشرف والرحمة والوفاء والعفة
فإنه يطمئن إلى أن ثروته هذه ستوطئ له الأكناف
وتفتح له القلوب وتضيء له النواصي ..
وعلى العكس من ذلك فإن الأخلاق السيئة هي السموم القاتلة
والمهلكات الدامغة، والمخازي الفاضحة
والرذائل الواضحة، والخبائث المبعدة عن جوار رب العالمين
المنخرطة بصاحبها في سلك الشياطين
وهي الأبواب المفتوحة إلى نار الله تعالى الموقدة التي تطلع على الأفئدة..
إذا أردت أن تكون شخصية جذابة
فاعمل دائما على تهذيب أخلاقك
وهذا يتأتى بالنظر المستمر في بنائك الداخلي
فإننا قلما ننظر على الداخل
لأن الانشغال بعيوب الناس ، والتشهير بها
والإسقاط عليها ، لم يدع لنا فرصة في تأمل بنائنا الداخلي
والأثر يقول :
( طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس )
القلة فقط هي التي تنظر في ذاتها
فتصحح وتقوم وتهذب ..
القلة فقط هي التي تتعهد سلوكها وتنتبه إلى الشائن من أخلاقها
فتقوم المعوج
وتُصلح الشاذ
-------------
كيف أهذب أخلاقي ؟؟
الأخلاق تتأتى بالتعود ، وتعهد النفس
ومراقبة السلوك ، وليس بالطرح المعرفي المجرد
يقول أبو تمام :
(فلم أجدِ الأخلاقَ إِلا تخلقاً ولم أجدِ الأفضالَ إِلا تَفَضُّلا )
فالأخلاق ليست شيئا يكتسب بالقراءة والكتابة
أو الخطابة والدعاية
إنها درجة تكتسب بالمعاناة الشديدة
كيف تنتقل من أدنى إلى أعلى؟
كيف تنتقل من الطراوة إلى الصلابة؟
والمرء في هذا الميدان يصنع نفسه
وهو أدرى بما يشتهيه من كسل أو بخل أو خوف... إلخ
فيرسم طريق الشفاء ومراحل الخلاص
ولا يزال يتابع السير
ويغالب العقبات حتى يبرأ من عمله
-------------
ولكي تتعرف على مستواك الخلقي
لديك هذه المفاتيح الثلاثة
النظر في سيرة رسول الله
اقرأ في كتب السير
احفظ الأحاديث خاصة التي تحث على مكارم الأخلاق
حاول أن تنهي كتابا يحكي عن سيرة الرسول وأخلاقه
كالرحيق المختوم أو فقه السيرة أو الشمائل المحمدية
عندها سيظهر ما خفي من الداء وسيتجلى لك بوضوح الدواء الشافي
والبلسم المطلوب
صديق يخلصك النصح
حاول أن تفتح الباب لأصدقائك الأوفياء لنقدك
وانظر بتأمل إلى ما يقولون
إن صديقك هو مرآتك
والمرآة مهمتها الأساسية هي عكس الصورة الحقيقية
بلا تجميل ولا تحسين فصديقك من صدَقك لا من صدَّقك
عدو يفتش عن أخطائك
تأكد أنه لن يفتش أحد عن عيبك بدقة و بلا كلل كعدوك
فانتهز هذه الفرصة
واقطف منها الفوائد
اسمع ما يقوله أعدائك عنك
فقد يدلوك على ما تغفل أنت عنه في أدق شئونك
واجعل تحسين عيبك هو أفضل رد
ترد به عليهم
.. وحين تعرف مستوى أخلاقك
وتبدأ في تعهد نفسك
ومراقبة سلوك
تكون قد وضعت واحدة من أعظم اللبنات
في صرح شخصيتك الساحرة