حين يموت الضمير
يُصبِح كل شئ مباح : كلام الزور ، الخيانة، القتل و السكوت عن القتل .
حين يموت الضمير
يصبح طعم الدم لذيذ كعصير البرتقال ..تهون الأوطان و يُزيف التاريخ .
حين يموت الضمير
يُصبح الأنين الآدمي كمعزوفه رومانسيه من قيثارة فريدة ..وأصوات المدافع كقرع الطبول ، و هدم المساجد على المصلين ،وتدمير المنازل على رؤوس أصحابها كمشاهدة فيلم أمريكي مثير.
حين يموت الضمير
تُنتزع الذاكرة من جذورها ، و يُصبح كل شئ أبيض ..الماضي صاف كجدول ماء عذب. الجلاد برئ و الضحية متهم.
حين يموت الضمير
تهاجر الحمامات البيضاء ، و لا يبقى في الجو إلا غربان تنعق صباحا مساء.
حين يموت الضمير
يتحول الإنسان لوحش كاسر ينتظر فريسة للانقضاض عليها ، و تبدو المدن كغابات موحشه.
حين يموت الضمير
تظهر الإنسانية كلمه لا معنى لها و لا رديف..و تصير الأسنان حادة و اللحم الإنساني سهل المضغ .
حين يموت الضمير
يكون الخاص عام و العام خاص .الحلال حرام و الحرام حلال .
حين يموت الضمير
يُنظر للأوطان كمزارع عائليه،والشعب قطيع من غنم.
حين يموت الضمير
تغفو العقول وتثور الأحقاد تتعطل إنسانية الإنسان وتفقد حواسه قيمتها..ويغدو صاحب عقل لا يفقه وصاحب عين لا تبصر وصاحب إذن لا تسمع وصاحب قلب لا يدرك.
¨'*•~-.¸¸,.-~*' (الــضــمير ) ¨'*•~-.¸¸,.-~*
في عصرنا الحالي ، وفي زحمةِ الحياة وتقدمها ..
أصبحت المادة هي الأساس الأول وأصبحت المصلحة الشخصية هي الهدف الأسمى لكل إنسان ، فانعدمت الفضائل في قلوب بعضِ البشر ،
وألغى معظمهم مصطلح (( الضمير الحي )) من قاموس حياتهم ،
حتى أن محور الإنسانية الذي تقوم على عماده كل المحاور الأخرى ..
حتى هذا المحور انهدم من أساسه .. فكان الضمير أول ما ضاع بين ذلك الرُكام.
ضميرنا أغلى ما نملك ..
ضميرنا الذي منحنا اسم _ الإنسان _
ضميرنا الذي تلتهب فيه المشاعر حزناً وفرحاً وأسى ..
كيف يضيع ؟؟ ولماذا؟ وبأي حق؟
أيُ مبدأ هذا الذي يقول ..
بيعوا ضمائركم لأجل مصالحكم ..
وأي شرعٍ أو دين ذلك الذي يفضل المصلحة الشخصية عن مصلحة الجماعة ..
مصلحة الأمة بأسرها ؟؟
إنه الزمن الأسود القاتم .. الذي ضاعت فيه المناهج ..
فسلكَ كل ضالٍ المبدأ الذي يريد لينال مناله ومرامه.
ضميرنا .. ذلك الشيء اللا محسوس الذي يقيم في أنفسنا من بداية روحها ..
يحرك فينا دوافع الخير .. ويتصدى للشر ويروضه .. بموت هذا الضمير تموت الإنسانية ..
يموت الإنسان .. فيتحول لحيوان يجري وراء ملذاته وشهواته فقط لا أكثر.
ونُعزّي أنفسنا بأن وراء غفوة الضمير لابد وأن يطلع النور ويعاود الاستيقاظ ،
ولكن الزمن .. الناس .. السلوكيات الخاطئة .. كل ذلك قد يؤدي لموت هذا الضمير موتاً نهائياً ..
لا تُرتجى بعده عودة
ما أجمل أن يكمن في أعماق روحنا ضميراً حياً ..
يمنعنا عن فِعل الخطأ .. قبل اقترافه ..
يدلنا بنوره على الطريق الأسلم ويرشدنا بفطرته النقية ..
على مكان من الخير ومنافذه .. إنه فعلاً لكنزٌ ثمين ... أن تملك كذلك الضمير.
لكن بكل أسف فإن ما يقبعُ في نفوس معظمنا ضميرٌ نائمٌ لا يستيقظ إلا بعد ارتكاب الخطأ ..
فلا يجد له سبيلاً إلا الندم على فعل ..
وما نَفعُ الندمِ بعد فواتِ الأوان ؟؟!
رغم ذلك يبقى الأمل ولا يزال ..
يبقى متأملاً بيقظة هذا الضمير وعودته إلى سابق عهده ،
فهو أهونُ مرةً وألفُ مرةً .. من ضمير ميْتٍ يرتكب الأخطاء ويمشي في الدروبِ المظلمة ..
فينهي مسيرُهُ بعارٍ عليه ولا يجد الندمُ لنفسه طريقاً !! فيتابع المسير في دروبٍ معتمة ..
بلا هدفٍ مثمرٍ ولا نهاية مفيدة ..
أينَ نحنُ من نخوة الأيام الخوالي ؟؟
من شهامةِ رجالها .. وقوة روحها .
. وثقتها التي لا حدود لها ؟؟
أين نحن منهم ؟؟
أبطالٌ سطروا بحروفٍ من ذهب أروع ما حفظَ التاريخُ من أمجاد ..
بضميرهم الحي ونفسهم الزكية وروحهم الطاهرة ..
لشد ما نتعطش لمثلِ هؤلاء ، لكن تبقى الكلمات ..
ربما بلا فائدة ..
إن لم يكن لمن يقرؤها .. نفسٌ تبذل .. وقلبٌ يشعر .