كلهن يتيمات ولكن !
منذ أمد بعيد و هناك العديد من الأطراف سواءً الصحفية
منها أو المدنية تنادي بضرورة تحرير القطاع السمعي البصري في الجزائر، و هذا بعد
ما ضاقوا ذرعا بقناتنا اليتيمة فملوا وجوها لا تتغير و نمطا لا يتبدل و برامج لا
تسمن و لا تغني من جوع المشاهد الجزائري المتعطش لقناة تعايش همومه و تتكلم بصوته
و تحس بمعاناته.
لم يستطع مسؤولوا شارع الشهداء المتعاقبون من إضافة
جديد ، فتغيير الأشخاص لا يعني بالضرورة تغيير الروتين و كسره و هذا ما حدث، إلى
أن أصبحت الجزائر تقريبا استثناءً شاذا في الوطن العربي بعد أن أصبحت دول عربية
أقل منا عدة و عتادا تملك ترسانة إعلامية لخدمة مصالحها و أصبحنا نحن نستقي
أخبارنا من غيرنا و لا نسمع به من تلفزيوننا ، الأمر الذي جعل الجزائر لسنوات طوال
في عزلة إعلامية و إلا فأخبارها تحمل لون الدم غالبا.
لا مناص من الانفتاح ، هي الرسالة التي فهمها
القائمون على شؤون يتيمتنا فقرروا إضافة يتيمات أخريات ليؤنسوها من شبح الوحدة و
كان ذلك بإطلاق قنوات حكومية أخرى لتصبح خمس قنوات مستنسخات لإعادة البرامج نفسها
في كثير من الأحيان.
قدر الله و ما شاء فعل .. الخضر يُرجمون بالحجارة في
قاهرة المعز و -للأسف- وابل من التهم يستهدف الجزائر و شهداءها و مقدساتها من
أشقائنا المصريين عبر أسطول إعلامي لا قِبل للجزائر به ، فشهدنا معركة طرفاها صوت
و صورة من جهة و قلم و حبر من جهة أخرى ما جعل الصحافة تضغط بشكل أقوى من أجل
تحرير الفضاء في الجزائر للخواص بعد دور الأطرش الذي لعبته اليتيمة في المهزلة
المصرية الجزائرية.
و أخيرا، رضخت الحكومة لتحرير القطاع للخواص بانتظار
مصادقة البرلمان ، و ظهرت للعيان قنوات جزائرية جديدة بنكهات مختلفة فكانت "الشروق
تي في" أولها ثم "دزاير شاو" و "الجزائرية" و "النهار
تي في" و قنوات ستظهر قريبا، و لكن السؤال المطروح: ما هي الإضافة التي جاؤوا
بها؟ هل المشاهد الجزائري بحاجة لقنوات تعلمه هز البطون و الأرداف، أو لأخرى
متناقضة، تارة تأتي بأنشودة و تارة بأغنية ماجنة فاضحة ، أو هو بحاجة لقنوات همها
الوحيد هو الإشهار و الكسب السريع ، لا شك أن القنوات الجديدة أمام اختبار جدي ،
لأنهم وعودنا بـ "جزيرة" جزائرية فإذا بهم يعرضون علينا مهزلات لا تصلح
للعائلة الجزائرية ، ليصبحوا أسوأ من اليتيمة نفسها.
في المقابل توجد قنوات لو استمرت على ما هي عليه فسيكون لها شأن كبير يوما
ما ، ذلك أنها قريبة جدا من مشاكل المواطن و همومه و تسعى لتقديم أخبار جزائرية
بنكهة جزائرية و ذلك هو المطلوب. في انتظار ذلك الحين نحن في حضن اليتيمة و
رعايتها .. دمتم بخير.