أُخْتِي الْمُسْلِمَة لَقَد حَبَاكى الْلَّه بِكَنْزّين عَظِيْمَيْن يَحْرُسَهُمَا مَلَكَيْن وَيَتَرَصَّد بِهِمَا شَيْطَانَيْن أَمَّا الْكَنْز الْأَوَّل وَالْمَلاك فَهُو أَبِيَك إِن احِبُك وَرَعَاك وَضَمُّك إِلَى صَدْرِه وشْعْرَتِي بِحُبِّه وَحَنَانِه وَدِفْئِه فَهَذَا الْكَنْز مِفْتَاحُه بِيَد أَبِيَك ان كَان عَطُوْفَا حَنُونَا رَاعِيَا لَك مَادَّا بَصَرِه نَحْوَك مُسْتَمِعا لمَشَاكَلك فَتَح الْلَّه لِكَي هَذَا الْكَنْز وَنَجْد أَن الْفَتَاة اشَد تَعَلَّقَا بَابِيْهَا بَل نَجِد أَنَّهَا تَرْغَب أَن يَكُوْن زَوْجُهَا صُوْرَه مِن أَبِيْهَا فَادّا عَامِلِهَا أَبِيْهَا عَلَى قَوْل الْأَمَام عَلَى لاعَبُوا أَوْلَادَكُم لِسَبْع وَأَدِّبُوْهُم لِسَبْع وَصَاحِبُوَهُم لِسَبْع ثُم اتْرُكُوْا لَهُم الْحَبَل عَلَى الْغَارِب
اى فِي الْسَّبْع سِنِيْن الْأُوْلَى يُلَاعِبُهُم وَيُداعْبِهُم وَيَكُوْن عَطُوْفَا عَلَيْهِم ويُعَامَلَهُم بِالْحُب وَالْرِّفْق حَتَّى يَتَعَلَّقُوا بِه ثُم مَن سَن سَبْع سَنَوَات حَتَّى الْرَّابِعَة عَشَر يُؤْدِبُهُم بِالْحُسْنَى وَيُعَلِّمُهُم الْصَّلَاة وَالصِّيَام وَأَحْكَام دِيْنَهُم وَمَن الْرَّابِعَة عَشَر حَتَّى الْحَادِيَة وَالْعِشْرُوْن يصادْقَهُم يَكُن لَهُم صَدِيْق و أَخ أَكْبَر وَيُشَارِكُهُم فِي أُمُوْرِهِم وَيَأْخُذ بِآَرَائِهِم حَتَّى لَو كَانَت خَاطِئَة فِي الْبِدَايَة حَتَّى يُعْلِمَهُم كَيْفِيَّه اتِّخَاذ الْقَرَار الْصَّحِيْح يُحْكَى لَهُم أَسْرَارَه حَتَّى يَبُوْحُوْا لَه بِأَسْرَارِهِم وَمَكْنُوْن صُدُوْرُهُم ثُم بَعْد ذَلِك يُتْرَك لَهُم الْحَبَل عَلَى الْغَارِب اى أَن الْلَّه سَيَحِفَظِهُم مِن الْوُقُوْع فِي الْزَّلَل لِأَن أَبَاهُم ارْتَدَى ثِيَاب الْحَبِيْب الْمُصْطَفَى ثِيَاب سَنَتِه فِي تَرْبِيَة أَبْنَاءَه فَيَكُوْن الْمُرَبَّى هُنَا رَسُوْل الْلَّه فَمَا بَالُك بِفَتَاة رُبَاهَا الْحَبِيْب الْمُصْطَفَى فَبِهَذَا يَمْنَع الْأَب دُخُوْل الْشَّيْطَان الْأَوَّل الْذِّئْب الَّذِي يُرْتَدَى ثَوْب الْحَبِيْب فَمَا نَرَاه مِن انْحِلَال فِي أَخْلَاقِيَّات الْفَتَيَات أَلَا وَهُو أَن أَبَاهَا لَم يَرُبُّهَا عَلَى الْنَّهْج الْمُسْتَقِيْم وَسُنَّة الْحَبِيْب وَلَم يَرُبُّهَا عَلَى أَن حَبِيْبَهُا هُو زَوْجُهَا وَبِدُخُول ذَلِك الْذِئْب تَقَدَّم لَه الْفَتَاه تَنَازُلات بِاسْم الْحُب لِأَنَّهَا مُتَعَطِّشَة لِلْحُب فَلَم يُفْتَح أَبِيْهَا كَنَزَهَا وَتَرَكَه لِشَخْص أُخَر يَنْهَل مِنْه كَيْف يَشَاء ثُم الْكَنْز الْثَّانِي وَالْمَلاك الْثَّانِي وَهُو الْزَّوْج إِن عَامِلُك الْزَّوْج كَمَا كَان رَسُوْل الْلَّه يُعَامَل زَوْجَاتِه فَيُرْتَدَى ثِيَاب الْحَبِيْب الْمُصْطَفَى ثِيَاب سُنَّتِه فِى مُعَامَلَة زَوْجَاتِه فَمَا بَالُك بِامْرَأَة زَوْجَهَا صُوْرَة مَعْنَوِيَّة مِن رَسُوْل الْلَّه وَلَكِن فِي بِدَايَة الْزَّوَاج يَكُوْن الْزَّوْج شَخْص جَمِيْل
رُوّمَانْسِي وَتَظُن الْمَرْأَة أَنَّهَا تَزَوَّجَت مَلَاكَا ثُم يَتَبَدَّل حَالِه وَتُقَسَّم الْفَتَاه انَّه شَخْص غَيْر الَّذِي عَرَفْتَه أَيَّام الْخُطُوبَة وَأَيَّام الْزَّوَاج الْأُوْلَى يُهْمِلُهَا وَلَا يَقْتَرِب مِنْهَا إِلَا إِذَا أَرَادَهَا فِي فِرَاشِه فَإِذَا قَضَى مِنْهَا حَاجَتَه أَدَار لَهَا ظَهْرِه كَأَنَّهَا غَانِيَه جَلَبَهَا مِن الْشَّوَارِع تَجِدْه عَابِسَا فِي الْمَنْزِل بَاسِمَا خَارِجَه ثَقِيْل الْظِّل فِي الْمَنْزِل وَنِكَدِي خَفِيّف الْظِل خَارِجَه وَهَذَا مَا يُسَمَّى بِازْدَواجِيّة الْرَّجُل الْشَّرْقِي حَتَّى بَعْض الْنِّسَاء الَّلاتِي لَا يُعَرِّفْنَه مِن خَارِج مُحِيْط الْأَسِرَّة تَتَمَنَّى أَن يَكُوْن زَوْجُهَا مِّثْلِه فَهُو بِذَلِك يَفْتَح الْبَاب لِلْشَّيْطَان الْثَّانِى الَّذِي يَأْتِي فِي صُوْرَة الْعَشِيق الَّذِي يُمْطِرُهَا بِوَابِل مَن الْكَلِمَات الْمَعْسُولَة الَّتِي تَفْتَقِدُهَا مِن زَوْجِهَا وَيُحِيطِهَا بِحَنَانَه الْزَّائِف لِيَأْخُذ مِنْهَا مَأْرَبِه فَتَقَع فِي بَرَاثِنِه أُخْتِي الْمُسْلِمَة انْظُرِي لَقَد أَعْطَانَا الْلَّه مِثَالا عَظِيْما الْسَّيِّدَة مَرْيَم فَاقِدُه لِلْأَب فَلَم يُفْتَح كَنْز الْأَب وَلَم يَفْتَح كَنْز الْزَّوْج وَعَرَفْت أَن فِي قَلْبِهَا كُنُوْز فَوَجِهَتِهَا لِلَّه وَقَالَت (إِنِّي نَذَرْت لِلْرَّحْمَن صَوْمَا فَلَن أُكَلِّم الْيَوْم إِنْسِيّا } لَم تَلْتَفِت لِغَيْر الْلَّه وَصَامَت عَن جَمِيْع الْأَنَام وَأَعْطَت كُنُوْزُهَا لِلَّه فَفَتَح الْلَّه فِي قَلْبِهَا كُنُوْز الْحُب لَه فَكْرَّمُهَا الْلَّه وَجَعَلَهَا سَيِّدِه نِسَاء الْعَالَمِيْن وَسَمَّى سَوَّرَه فِي الْقِرَان بِاسْمِهَا وَقَال مَادِحا لَهَا وَلِشَرَفِهَا {وَمَرْيَم ابْنَت عِمْرَان الَّتِي أَحْصَنَت فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيْه مِن رُّوْحِنَا وَصَدَّقَت بِكَلِمَات رَبِّهَا وَكُتُبِه وَكَانَت مِن الْقَانِتِيْن) وَلَم يَقُل مِن الْقَانِتَات بَل مَن الْقَانِتِيْن لِأَنَّه وَضَعَهَا فِي مَقَام كُمِّل الْرِّجَال وَجَعَلَهَا الْلَّه مِثَالا يَحْتَذِي بِه يَا لَه مِن تَكْرِيْم فَاجْعَلَيِهَا قَدِوُتك فَذُوْقِي الْحُب مِن أَبَاك وَمَن زَوْجَك فَان لَم تَجِدِي كُوْنِي مَرْيَمَيَّة..